|
(hgau)
الكاتب العام: د. احمد العلمي
في افتتاح أشغال ندوة الحزب حول
"المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"
01 أكتوبر2005
أيها السيدات و السادة،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
وبعد، فـهاهي ذي مـبادرة أخرى لجــلالة
الملك، سنـسمح لأنفسـنا باعتـبارها واسطة عقد مبادرات
جلالته، منذ اعتلائه، نصره الله، عرش أسلافه المنعمين.
فمـاذا عسى حزب البيئة و التنمية يعزز به
هذه المبادرة؟ و كيف نرى آفاق استيعاب مستجداتها، تنظيرا
و تطبيقا؟
إن مجــال الجـــواب على هذه التســـاؤلات
واســـع وأرحـــب، وإن لنا، في الحـــزب، نظرات واقتـراحات
نســاهم بها في إغــناء هذه المبـــادرة، و هو ما نعتبره،
بالنسبة للجميع، الواجب الأوجب، وهو موضوع هذا اللـــقاء
المبارك، فمرحبا بكم جميعا.
أيها السيدات و السادة،
إذا كنا في الحزب، اتخذنا شعـارا لنا
"البيئة" مصطلحا متعـارفا عليه، فإنه، بهذه المناسبة، أود
الإشارة إلى أننا نستوعبه، إضــافة إلى ذلك، بمفهومه
اللغـــوي و الإجرائي، وهو ما تتــيح لنا هذه المناسبة
فرصة تــوضيحه، و تطــبيقه.
ذلك أنـــنا نعــتبر هذه المبــادرة
تـــــأسيسا لــــنهج آخـــر جديد، و تمــهيدا لــسبـيل
آخر، في التدبــير و الحــكامة، سـيأتــي، إن شـــاء
الله، بكل شيء مفيد.
و هكذا فــإن بيـــئة تنــظير و تقــديم
المبادرة الوطنـــية للتـنمية البـشرية، و فلســفتها،
تتــسم بمعطيات جــديدة، و ذلك على عدة مستويات:
-
منها التحديد الدقيــق للمعــطيات الموضــوعية للإشــكالية
الاجتماعية بالمغرب.
-
و منها اعتبار التأهيل الاجتماعي عملية معــقدة، شـــاقة،
و طـــويلة النفس، مما يتطلب نهج سياسات عمومية مندمجة ضمن
عملية متماسكة، و مشروع شامل.
-
و منها التحديد المضبوط للأهداف.
غير أن الجديد الأهــم، من وجــهة
نظـــرنا، في هذه المبادرة، هو: إشراك طرف طالما تنودي إلى
إشراكه، و طالما تم الإلحاح على جوهـــريته وأهميته لأية
عمـلية تنمـوية، منتجة وفعالة، ألا وهو ما يصــطلح على
تسـميته ب: " المجتمع المدني":
ذلك أنه أصبح ضروريا، و منذ اليـوم، مساهمة
السكان و المواطنيـن، بهذه الطريقة أو تلك، خصوصا عن طريق
الجمعيات، في المبادرة باقتــراح المشـاريع، و في تتـبع
مراحل تنــفيـذها، و في رعاية المنجزات المتحـققة، بصائب
رأيها، و هادي فكــرها، فهي الأدرى بالأصلح من الوسائل
المنتجة للنمو، وهي الأوعى بالمناهج الكــفيلة بتحــقيق
أهــداف أمثال هذه المبادرة، بمالها من دراية بواقع
الأمور، وإحـــاطة شـــاملة بما تتــطلبه الحاجيات من
مبادرات مضبوطة، و ناجعة، و منتجة.
و هكذا، فإن ترسيـــم دور
المجـتمع المدني سيعزز روح الإقــــدام و الإبداع لدى
المواطنين، كما أنه سيشيع جوا من التفاؤل، ما أحوجنا إليه !.
أيها الإخوة و الأخوات،
إن قيـــام المـــجتمع المـــدني بدور
الشــريك، لمن شـــأنه تحديد الأولــويات الحقيـــقية،
إضافة إلى أنه ســيكون ضمانة أســـاســية لحــسن
التـــدبــير، و لجودة التسيير، على أن مســؤولية الأطراف
المتــدخلة في المــبادرة الوطنية، يجب أن تكون محددة
وواضحة، ترســيخا للشــفافــية، و تسهيلا للمراقبة، و
تيسيرا للمساءلة.
و لهذا نود أن نـلح على ضــرورة وضع ضوابط
واضحة تنـظم كيــفـيات إســهام المواطنــين، في وضع
المبادرة موضع التطــبيق، تـلافــيا لـــكل ما من شـــأنه
بــث روح الإحباط و التشـاؤم في الأفئــدة، وفي العقول،
وفي النفوس.
أيها الحضور الكريم،
إذا كان خطاب جلالة الملك المعلن عن هذه
المبادرة قـد تطـرق إلى مختلف أبعادها، و تحـدث عن
آفـــاقها، فـــإننا نــود التركــيز، هنا، على بعض
القـــضايا التي نراها ذات أولــوية واضحة، و نعتبرها ذات
أهمية بــالغة، خصوصا المتعــلقة منها بالـــوضع البيئي
ببلادنا، هذا الوضع الذي سيجعل أي تجاهل للمعــطيات
المحــزنة المتعــلقة به من أي عمل تــنموي، حلقة مفرغة.
و هكذا، فإن التدهور البيئي، يكلف بلادنا
سنويا ما بين 15 إلى 20 مليار درهم، أي ما يعادل ميزانية
قطاع الصحة سبع مرات، كما أننا نفقد سنويا حوالي 30 ألف
هكتار من الغابة، إضافة إلى أن حوالي 20 ألف هكتار تصبح
غير صالحة للزراعة سنويا.
و إذا كان لهذا التــدهور السريع الوقع
السيء على الجميع، فإنه يـــؤثر أكثر على العنصر النسوي،
خصوصا في المناطق الجبلية و الجافة، هذه المنـــاطق التي
تــعتـــبر الأشـــد خصاصا، و التي تصل بها نســبة العوز و
الفقر 50
%
مقابل 5
%
في السواحل.
و على العموم، فإن مظاهر الإقصاء و التهميش
تشمل ثلث سكان المغرب، حيت تتراوح نسبة الفقر ما بين 24 %
إلى 37 %
و ذلك حسب المناطق ، و يصل معدل هذه النسبة إلى 18
%
على صعيد الوطن.
و إذا كانت هذه الإحصائيــات مؤشـرا على
مــدى الجهود اللازم بدلها للحد من توسع مظاهر الإقصاء
الاجتماعي، فإنــنا لا نستهـين بتأثــير نسبــة النمو
الديمغرافي في هذا المجال، حيث كان لتنــظيم الأســرة
الأثــر الفعال في جعل الوضعــية في هذا الميدان طبيــعية،
على أن وفيات الأطفال لا تزال مرتفعة، و ذلك ببلوغها نسبة
40 بالألف.
أيها السيدات و السادة،
إننا نود التـأكيد هنا، على أهمـــية الدور
الحاسم للتفـــعيل الأمـــثل لإصلاح منـظومة التـربية و
التكوين، معتبرين أن أي إصلاح فعال في هذا المجال، لن
يتحقق إلا بتلافي أي تعامل ديــماغوجي مع متطــلباته، كما
أنه في أشد الحاجة إلى التعاطي العقلاني و الموضوعي مع
كافة معطياته، آخذين بعين الاعتبار التجارب الدولــية
الــناجحة بـهذا الصـدد، و مسترشدين بتـشـخيص موضـوعي
لـنوعية التـــأهيل المطلوب، مع التـركيز على الفـعالية و
المردودية، آخذين بعين الاعتبار، كوننا نعيش في عــالم
يتسارع فيه مد العـولمة، و يزداد فيه اقـتصاد العــلم و
المعــرفة اكتــساحــا لجميع الآفــاق، ملتمسا منكم
إعـــمال جمــيع طرائــق التفكير، و طرق أبـــواب كافة
أوجه الرأي خصوصا المــؤدي منها إلى الحضافة و إلى حسن
التدبير، عند بلورة مشاريع ملموسة، بما أوتيتم من تماسك
المنطق، و رجحان الدليل، ووضوح الحجة، و دافع البرهان، هذه
الصفات التي نعتبرها معيارا للتباري في حلبة العمل
السياسي، نشدانا للخير من التوجهات، وابتغاء اكتساب المزيد
من الأعمال الصالحات، المنتجة للمجتمع و للدولة من جميع
الآفات.
أيها الإخوة والأخوات،
كانت تــلــكم بعض رؤوس أقــلام ارتــأيت
أن أســتهل بـها أشــغال ندوتنا هذه، متمـنيا لكم
التــوفيق، و محيــيا الجمـيع مرة أخرى.
و
السلام عليكم
|
